كان إنشاء أرشيف قومى للفنون الشعبية المصرية وفقا للمصطلح الذى كان شائعا فى خمسينات القرن الماضى، وكذلك إنشاء معهد علمى متخصص يقوم على ‘إعداد الكوادر العلمية المتخصصة فى الفنون الشعبية ( المأثورات الشعبية ) لكى ينهض بمهام الجمع والتوثيق والتصنيف والدراسة حلم الرواد: سهير القلماوى وعبد الحميد يونس، وعبد العزيز الأهوانى، وأحمد رشدى صالح. وكانت البداية فى عام 1957 هى إنشاء مركز الفنون الشعبية ولجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية. وبإنشاء هذا المركز نشطت حركة جمع المأثورات الشعبية وثوثيقها ومحاولة تصنيفها تمهيدًا لإنشاء هذا الأرشيف الحلم. لكن ظروف الستينات قلصت من دور المركز وأهميته، فهجر أبناؤه المؤسسون، لكن حلم إنشاء الأرشيف والمعهد العلمى ظل يراود أيضا تلاميذ الأساتذة الرواد: أسعد نديم وصفوت كمال وعبد الحميد حواس ومحمد الجوهرى وأحمد مرسى، بل تجاوز حلمهم حلم الرواد بالدعوة إلى إنشاء ارشيف للمأثورات الشعبية العربية. ولأسباب يصعب الإحاطة بها هنا، لم يتحقق من الحلم، حتى ثمانينات القرن الماضى إلاّ إنشاء المعهد، لكن ظل الحلم الأساسى وهو إنشاء الأرشيف الذى يقوم على توثيق الذاكرة الشعبية والحفاظ عليها لماّ يتحقق.
ومع بداية القرن الحالى- الواحد والعشرين- أنشئت الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية ( عام 2001م ) كجمعية أهلية تضم المهمومين بالمأثورات الشعبية، ووضعت الجمعية هدفا أساسيًا من أهدافها- ولعله أول أهدافها- العمل على تحقيق الأرشيف/ الحلم. واستطاعت بتكاتف جهود أعضائها وعلى رأسهم أسعد نديم وبقيادته أن يبدأوا الخطوة الأولى فى عام ( 2006م ) بالحصول على منحة من الصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى، وموافقة السيد وزير الثقافة على تخصيص جزء من بيت الخرزاتى والمجاور لبيت السحيمى بالجمالية (القاهرة التاريخية) ليكون مقرًا لإنشاء الأرشيف القومى للمأثورات الشعبية. أتاحت المنحة البدء فى بناء القاعدة الأساسية للمشروع بتوفير أحدث أجهزة الجمع والتسجيل والتصوير، وأجهزة الحاسب الآلى كما أتاحت أيضا تدريب شبان من الجنسين على الجمع والتسجيل والتوثيق يبلغ عددهم الآن 40 شابا، ويشرف على المشروع ويشارك فيه 15 أستاذًا وخبيرًا متخصصا.