يعد المشروع القومي للترجمة الذي احتفل مع بداية 2006 بإصدار الكتاب رقم 1000 ، أهم الحلقات في سلسلة طويلة من الجهود المبذولة في مجال الترجمة في تاريخنا الحديث بدأت مع إنشاء مدرسة الألسن في مطلع القرن التاسع عشر، واستمرت في جهود لجنة التأليف والترجمة والنشر، ومشروع الألف كتاب الذي أصدر ما يقرب من ستمائة كتاب عند توقفه، أضف إلي ذلك مشروعين لم يكتملا : اولهما لجامعة الدول العربية بإشراف طه حسين،وثانيهما لهيئة الكتاب المصرية بإشراف سمير سرحان. وانطلق المشروع القومي من البدايات السابقة، ساعياً وراء أهداف أكبر وأشمل ، تتناسب والمتغيرات المعرفية المعاصرة، وذلك من منطلق مجموعة من المباديء الأساسية التي وضعها المشروع لنفسه. وقد استطاع المشروع علي مدي عشر سنوات أن يحقق من النتائج الإيجابية ما أكسبه المصداقية والإحترام في عالم الثقافة العربية،باعتباره المحاولة العلمية الأكثر جدية واستمرارا، في مدي تقليص الهوة بيننا وبين من سبقونا علي هذا الطريق. وقد تفرد عن كل ما سبقه بميزات متعدده أبرزها الترجمة عن اللغات الأصلية، وتعدد اللغات المترجم عنها / فيما يقرب من ثلاثين لغة ، والتوازن بين المعارف المختلفة لسد النقص في المكتبة العربية ، وترجمة قدر لا بأس به من الأصول المعرفية ، فضلا عن الاعمال المعاصرة التي تصل للقاريء العربي بالثقافة العالمية في تحاولاتها المتسارعة.
شارك فيها مترجمون وباحثون من مصر ودول العالم ، وفي إطار التعاون مع المجلس الاعلي للثقافة تم استضافة عدد من مؤلفي الكتب الذين ترجمت بعض أعمالهم ضمن إصدارات المشروع منهم : جاك دريدا، وإمبرتوا إيكو وبيتر جران وجوست سمايرز وبرويز أمير علي وروبرت يانج وروي متحدة ..... وغيرهم ، كما عقدت لهم ندوات خاصة ، واجريت معهم حوارات حول أعمالهم .
بدأ المشروع تطبيق فكرة النشر المشترك مع بعض دور النشر في مصر والعالم العربي، كما شارك في كل الأحداث الثقافية المهمة في مصر بإصدار ترجمات نوعية بمناسبة انعقاد المؤتمرات الخاصة بالمرأة والعولمة وحوار الحضارات والتنوع الثقافي والإحتفالات العالمية برموز الثقافة العالمية مثل : بوشكين وناظو حكمت وتشيخوف وثربانتس ولوركا وهنريك إبسن ... وغيرهم.
في خطوة مدروسة أعادت سلسلة ميراث الترجمة ، وهي واحدة من سلاسل المشروع ، نشر ترجمة البستاني لإلياذة هومريوس الصادرة سنة 1904 مع ترجمة جديدة بمناسبة مرور مائة عام علي الترجمة الاولي ، كما أعادت نشر أو ترجمة لمسرحية شكسبير " هاملت أميرالدنمارك" بقلم طانيوس عبده الصادرة في أواخر القرن التاسع عشر ، وذلك بالتوازي مع نشر أحدث ترجمة لها بقلم الدكتور محمد مصطفي بدوي وهو ما يوفر مادة خامًا للباحثين لدراسة تطور لغة المترجمين وحدود تصرفهم واختلاف الذائقة وأساليب التلقي .
في إطار الملتقي الثالث ( فبراير 2006) عقدت مائدة مستديرة تحت عنوان ( المشروع القومي للترجمة وقفة علي الطريق ) شارك فيها عدد من المثقفين المعنيين بالترجمة والمسئولين عن المشروع والمتعاونين معه ، وذلك بهدف الخروج بأفكار وتصورات ومقترحات وتوصيات محددة ، من شأنها تطوير أداء المشروع والقضاء علي ما شاب التجربة من سلبيات وتأكيد الإيجابيات ، ومن ثم تذليل الصعاب أمام انطلاقة نوعية جديدة ، وخلصت المناقشات إلي التوصيات الآتية :
1- المزيد من التدقيق في اختيار الكتب بحيث تجمع الخطة بين الإصدارات القديمة والحديثة في مختلف العلوم والمعارف ، مع الاهتمام بترجمة الموسوعات والمعاجم العلمية المبسطة التي تخاطب القاريء العام.
2-تفعيل دور لجان المجلس الأعلي للثقافة في اقتراح عناوين للترجمة وترشيح مترجمين ومراجعين لها.
3-ضرورة وجود مراجع لكل كتاب يقوم بدور إيجابي في توجيه المترجم وتدقيق الهوامش والتعليقات والشروح.
4-ضرورة وجود مقدمة علمية لكل كتاب ، يكتبها المترجم أو المراجع أو متخصص في مادة الكتاب، تلقي الضوء علي أهمية العمل وتحاور أفكاره و / أو ترد عليها إذا اقتضي الأمر.
5-المزيد من الاهتمام بالتحرير والصياغة والعناوين الرئيسية والفرعية والأسماء والاقتباسات المكتوبة بلغة أجنبية.
6-ضرورة بذل جهد أكبر في عملية التصحيح والتدقيق اللغوي والأخطاء البصرية وأخطاء الجمع التصويري.
7-ضرورة أن يقدم المترجم ثبتاً بترجمة للمصطلحات الواردة في الكتاب طبقا للسياق.
8-زيادة عدد إصدارات سلسلة ميراث الترجمة ، وتلقي مقترحات اللجان والأفراد بهذا الخصوص
9-إعادة طبع الكتب التي نفدت من الألف الاولي بعد مراجعتها وتنقيحها وتصديرها بمقدمات جديدة.
10-زيادة الإهتمام بورش الترجمة بالتعاون والتنسيق مع لجنة الترجمة بالمجلس الأعلي للثقافة.
11-الاهتمام بترجمة الرسائل العلمية ، للباحثين المصريين المكتوبة بلغات أجنبية.
12-توفير غطاء إعلامي جيد للمشروع لتحقيق درجة من التلقي الإيجابي بما يجعل الترجمة بالفعل مشروعا للتنمية الثقافية، ومما يساعد علي ذلك تنظيم سلسلة من الندوات لمناقشة الإصدارت المهمة من كتب المشروع بشكل دوري.
13-ضرورة التفكير في إصدار مجلة للترجمة يكون من بين أهدافها التعريف بإصدارات المشروع ومناقشة ما تطرحه من أفكار.
14-تطوير قاعدة بيانت الخاصة بالمشروع وبحركة الترجمة في العالم العربي بشكل عام.
15-دعوة لجان المجلس والمؤسسات الثقافية والأفراد لتقديم مقترحاتهم للخريطة المعرفية للمرحلة القادمة.
16-التفكير في أن يخصص الملتقي الدولي الرابع لمناقشة قضايا المصطلح وإشكالياته.
17-تشكيل لجنة مصغرة لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات.
التوجهات والأهداف
1- تأكيد ريادة مصر في عمليات الترجمة ، والحفاظ علي مكانتها ودورها بالقياس علي غيرها من الدول العربية التي تعلمت من التجربة المصرية، وينبغي أن نقدم لها من الدعم ما يحافظ علي مكانتها الريادية والقيادية.
2-الإرتقاء بأوضاع الترجمة، وذلك للوصول إلي معدلات قريبة من المعدلات العالمية في حدها الأدني ، علماً بأن أقطارا مثل : إسبانيا وإيطاليا وحتي إسرائيل يترجم كل قطر منها سنويا حوالي 20 ألف كتاب وإذا وصلنا في المركز القومي للترجمة إلي معدل 1000 كتاب في العام بدلا من ألف كتاب في عشر سنوات تكون النتيجة باعثة علي الأمل والتفاؤل بإمكان الوصول إلي الحد الأدني من المعدلات العالمية.
3-فتح نوافذ المعرفة أمام القاريء العربي في كل مجالاتها وأقطارها ولغاتها ، بعيدًا عن هيمنة لغة واحدة أو الاقتصار عليها تاكيدًا لمبدأ التنوع الثقافي الخلاق.
4- سد الثغرات المعرفية الموجودة في ثقافتنا المعاصرة، وفي المجالات العلمية التي تدخل في نطاق إهتمامات المؤسسات الأكاديمية الحريصة علي مواكبة التصاعد غير المحدود في ثورة المعرفة.
5-تحقيق التوازن المطلوب بين فروع المعرفة بما يعالج التدني الملحوظ في ترجمة الثقافات العلمية والعلوم المختلفة بما يؤدي إلي الأرتقاء بالوعي العلمي وتطويره بوجه عام ودعم حركات البحث العلمي بفروعه المختلفة بوجه خاص.
6- تكوين شبكة من العلاقات القوية مع المؤسسات الدولية التي يمكن أن تدعم عمليات الترجمة مادياً ومعنويا من خلال بروتوكولات النشر المشترك.
7-التعاون والتنسيق مع مؤسسات وزارة الثقافة المعنية بالترجمة والناشرين في القطاع الخاص في مصر والأقطار العربية بما يحقق الارتفاع في معدلات إنتاج الكتاب المترجم بوجه عام، فلا يعقل أن يكون نصيب كل مليون مواطن عربي حوالي كتاب مترجم واحد ، بينما يصل نصيب كل مليون مواطن إسباني إلي 250 كتابًا مترجمًا.
8-تنمية حركة الترجمة عن طريق إعداد المترجمين وتدريبهم وتطوير قدراتهم لتكوين أجيال جديدة تكتسب الخبرة والمران من خلال الدورات الخاصة وورش الترجمة وتطبيق نظام المترجم المقيم بالتعاون مع المنظمات والهيئات العالمية ، ووضع خطة للتفرغ والجوائز التشجيعية.
9-إشاعة الوعي بالترجمة لدي القراء والمثقفين بوجه عام من خلال :
إصدار مجلة فصلية خاصة بالترجمة يتنوع محتواها بين الأبحاث والدراسات والإبداع المترجم .
تنظيم ملتقي دولي سنوي يدعي للمشاركة فيه باحثون ومترجمون وكتاب مصر والعالم لمناقشة قضايا الترجمة ومشكلاتها.
تنظيم صالون ثقافي شهري يتم فيه مناقشة إصدارات المركز وإجراء حوارات مفتوحة مع المؤلفين والمترجمين والناشرين والنقاد المهتمين بتنمية الوعي النظري بالترجمة من خلال المحاضرات والندوات.
إصدار نشرة إعلامية شهرية للتعريف بنشاط المركز وإصداراته وخططه المستقبلية، بالإضافة إلي العروض الموجزة وأخبار الترجمة والمترجمين.
10 – الانتقال من مرحلة الاعتماد علي الدعم المالي من الدولة إلي تحقيق معدلات كافية من الدعم وذلك بالتحول التدريجي بالمركز إلي مشروع استثماري ، يغطي نفقات تشغيله من بيع الكتب المنتجه من ناحية ويحقق أرباحا بزيادة فاعلية التوزيع والتسويق من ناحية ثانية ، وأداء خدمات الترجمة بالاجر للمؤسسات والهيئات القومية والعالمية من ناحية أخري.بهدف تدبير موارد مالية إضافية يقوم المركز بتنظيم برامج تدريبية وورش ترجمة ودورات خاصة مقابل رسوم رمزية بالتنسيق مع المؤسسات والشركات والنقابات المهنية طبقًا لاحتياجاتها، وذلك إلي جانب برامج التدريب المجانية التي يقدمها للطلبة والباحثين بالتعاون مع لجنة الترجمة بالمجلس الأعلي للثقافة فضلا عن ترجمة الإصدارات الخاصة بالمنظمات والهيئات الدولية من كتب وتقارير ونشرات وأوراق بحثية واتفاقات وعقود .... إلخ .